قهوة المكسيك – إرثٌ ومستقبل
علاقةُ المكسيك مع القهوة بدأت منذ 1790 ميلادية، وبدأ التجار شيئًا فشيئًا يغتنمون الفرصَ في مجالِ القهوة ببناءِ المصانع وتجهيز المزارع الضخمة للقهوة التي ارتبطت في المكسيك مع السكر بشكلٍ كبير، حتى وصل عدد أشجارِ البن في المكسيك إلى 3 ملايين شجيرة وذلك في عام 1874 لكن اعتبارَ زراعةِ القهوةِ مسألةً مهمة على نطاقٍ واسعٍ وفي كل أرجاءِ المكسيك، لم يحدث إلا في عام 1980 تقريبًا.
وبمرور السنين تخصصت أقاليم وسط وجنوب المكسيك في زراعة القهوة واشتهرت المكسيك بأكثر من 15 ولايةٍ يخرج منها أجودِ أنواع قهوة "أرابيكا" ومنها التي نحصل عليها في بيكولو وأسميناها "دون رافا" وهي قهوة مختصة فريدة حصلت على درجة 85.75 في اختبار تقييم القهوة المختصة.
نحدثكم في هذا المقال عن حقائق تاريخية تتعلق بقهوة المكسيك الفريدة.
-
حبُّ القهوة يبدأ من الطفولة
كما هو الحال في أغلب الدول والمدن التي تعمل في زراعة القهوة، تعتبر زراعة القهوة في المكسيك إرثا عائليا، الرجال والنساء يشتركون في زراعة وحصاد القهوة بل إن موسم الحصادِ في المكسيك وخاصةً في الولاياتِ التي تشتهر فيها زراعة القهوة هو موسمٌ احتفالي، ويشترك الجميع في الحصادِ والمعالجة وما يلحقهما من مراحل كل بحسب قدرته، وحتى الأطفال يشتركون في الحصاد والمعالجة وعادةً في بداية الموسم لكل ولايةٍ يتم منحُ طلاب المدارس إجازةً قصيرة للمشاركة في حصادِ وجمع القهوة.
وعادةً تمنح السيدات دورًا حيويا في هذا الجانب إذ يتولين مسؤولية تعليم الأطفالِ مختلف التقنياتِ والمعارفِ المرتبطة بحصادِ ومعالجة القهوة وزراعتها.
كل ذلك يجعل المواطن المكسيكي يرتبط منذ نعومةِ أظفاره بالقهوةِ ارتباطًا وثيقًا وعميقًا يجعله مدركًا لقيمتها بشكلٍ أكبر، وعلى ما يبدو يساهم ذلك في رفع كفاءة القهوة التيتخرج من المكسيك بشكلٍ كبير.
-
الاستمرار يصنع الإبهار
رحلة المكسيك مع القهوة بدأت متأخرةً مقارنة بغيرها من الدول المصدرة للقهوة في محيطها مثل البرازيل التي تتربع على عرشِ مصدري القهوة حول العالم، لكن المكسيك استمرت في طريقها بجد وثباتٍ ومع تأخرها في دخول السباق إلا أنها اليوم تحتل المرتبة الثامنة في أكثر الدول المصدرة للقهوة في العالم.
هذه النتيجة وصلت لها المكسيك بسبب الاهتمام الذي منحته الدولة لزراعة القهوة، بإنشاء "المعهد القومي للقهوة" الذي أنشئ خصيصًا لدعم المزارعين والتجار في مجال القهوة وتزوديهم بالدعم اللازم لتطوير أدوات الزراعة والحصاد والمعالجة والتجارة، وهو شبيهٌ بما أنشأته المملكة العربية السعودية مؤخرً وبدأته بدعمٍ مباشرٍ من الشركة السعودية الرائدة "أرامكو" لدعم زراعة القهوة في المملكة وأسفر بالفعل عن تغيراتٍ جذرية في مجالِ زراعة القهوة في المملكة، ولعل تجربة المكسيك تجعلنا نتفاءل بنتائج تجربة وطننا الحبيب وأن نحصد نتائج جيدة منها قريبًا بإذن الله.
-
التعلم بالتجربة
في عام 1989 حلَّت على الدول المصدرة للقهوة ومن بينها المكسيك "كارثة القهوة" التي كانت المكسيك من أكبر الدول التي تضررت بسببها وجعلت كثيرًا من المزارعين يتوقفون عن زراعة القهوة أصلًا بسبب انخفاضِ سعرها بشكلٍ كبيرٍ بعد أن كان محكومًا ومرتفعًا بموجب الاتفاق العالمي للقهوة الذي تم إلغاءه في ذلك العام.
لكن هذا لم يمنع المكسيك من الاستمرار، وإن كان استغرقهم ذلك وقتًا وجهدًا إلا أن استمرارَ نشرِ الوعي قادَ إلى تحسين ظروف العاملين في مجال زراعة القهوةِ بشكلٍ كبير جدا في المكسيك، وكما ذكرنا فإن المكسيك أصلًا دخلت مجال زراعة القهوةِ متأخرًا، وتسببت كارثة القهوة في تأخرها من جديد، لكن لم تتوقف كثير من الولايات عن الاستمرارِ في زراعة القهوة ونشأت مختلف المنظمات غير الربحية التي استهدفت توعية المزارعين وتثقيفهم ومساعدةَ المزارع الصغيرة على تطوير نشاطها وتحسين جودة محاصيلها بأشكالٍ مختلفة، كل هذا جعل قهوةِ المكسيك حول العالمِ من بين أكثر أنواعِ القهوة التي يتم في زراعتها مراعاة الظروف الإنسانية وتوفيرِ دعم كافٍ للمزارعين والعاملين.
-
الطبيعة
لابد أن تتوافر مجموعةٌ من العواملِ لتكونَ البيئة التي تزرع بها القهوة ملائمة لزراعةِ قهوةٍ عالية الجودة، وفي المكسيك تجتمع كل العوامل الطبيعية الرئيسة، فنجد المرتفعات، والتربة البركانية، والمناخ الماطر، ما يجعل زراعة القهوةِ بالنسبة للمكسيكيين أمرًا سهلًا وموفرًا كذلك لقلة احتياجهم مقارنة بغيرهم من الدولِ إلى الاعتمادِ على مصادرَ أخرى لتحسين التربة أو ضبطِ معدلات التعرض للشمس أو إضافةِ قنواتِ الري.
0 Comments
There are no comments for this article. Be the first one to leave a message!