Skip to content
Powered by Beans United

القهوة والبرازيل – علاقةٌ وطيدة

البرازيل هي أهم دولِ العالم في سوقِ القهوة، إذ أنها مسؤولة بشكلٍ مباشرٍ عن 30% من حبوب القهوة حولَ العالم. والعلاقة بين البرازيل والزراعة بشكلٍ عام علاقة قديمة، إذ أن اسم البرازيل نفسه كان بسبب أكثر أنواعِ الأشجار شيوعًا في البرازيل والتي تعرف باسم "البراسيل" باللغةِ العربية وهو اسم يطلق على نوعين من أنواعِ الأشجار أحدها شجر بندق الذي تنتجُ البرازيل 40% من المتداولِ منهُ حولَ العالم، والآخر شجر كان البرازيليون يستخدمونه لاستخراج الخشب في الماضي.

ولكنَّ القهوةَ اليوم بالنسبةِ للبرازيل أكثر أهميةً من أي نوعٍ آخر من أنواع الزراعة، وفي مقالنا هذا الأسبوعِ نفند لكم مجموعةً من أهم ما يميز البرازيل وقهوتها ويجعل العلاقة بين القهوة والبرازيل، علاقةً وطيدة.

القهوةُ تحب البرازيليين:

في أغلبِ الأحيانِ يصعب أن نفهم أسبابَ حب الدول المختلفة لزراعاتٍ بعينها، لكن ليسَ هذا الحال بالنسبةِ للبرازيل وزراعة القهوة المختصة، إذ أن الكثيرَ من الأشياءِ ساهمت على مدار سنواتٍ في توطيدِ العلاقةِ بين البرازيليين والقهوة، ومن أهم الأحداثِ رحلةُ الفريق الرياضي الأوليمبي البرازيلي في عام 1932 إلى لوس أنجلس.

في عام 1932 انطلق وفدٌ من الرياضيين البرازيليين ليشاركوا في أولمبياد لوس آنجلس، لم تكن البرازيل التي نعرفها اليوم قادرةً على تمويل هذه الوفد في رحلته، والكثير من الأشياء حول العالم لم تكن كما نعرفها، إلا أن قهوة البرازيل.. كانت كما هي اليوم، فريدة ومتميزة وتملأ البرازيل، فاستعمل هذا الوفد المكون من 82 لاعبٍ برازيلي القهوة البرازيلية التي حصدوها وجمعوها وعلى مدارِ طريق رحلتهم البحرية كانوا يبيعونها ليتمكنوا من الوصول والمشاركة في الألعاب الأوليمبية. من بينِ القصص الملهمة في هذه الرحلة حكاية العداء البرازيلي آدالبرتو كاردوسو، الذي وصل إلى مكانِ إقامة سباق العدو قبل موعد انطلاقه بعشر دقائق فقط، وشاركَ حافي القدمين، وبرغمِ أنه حل في المركزِ الأخير إلا أنه واصل العدو 10 آلاف مترٍ واستمر الجمهور في تشجيعه حتى آخر لحظة له في السباق وحصل نظير مشاركته الاستثنائية على ميدالية خاصة.

وغير ذلك من آلافِ القصص الفرديةِ التي تملأ البرازيل عن القهوةِ وما أضافته للأفرادِ المختلفين وكانت سببًا في تحسين ظروف معيشتهم على مدار عقودٍ كثيرة تجعل البرازيليون يشعرون دائمًا أن القهوة تحبهم.

البرازيل تحب القهوة:

إن لم تكن القصة السابقة دليلًا ودافعًا كافيًا لحب البرازيليين للقهوة، فيضيف إلى دلائل حب البرازيليين للقهوة أن تعرف أن البرازيل بها أكثر من 300 ألف مزرعةِ بن، كما أن القهوة في البرازيل هي السبب في أكثر من 8 ملايين وظيفة مرتبطة بالقهوة بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشر. وبهذا الرقم تعتبر البرازيل تحوي 20% من العاملين في سوق القهوة.

ومن بين أجملِ مزارع البن في البرازيل "كليم" التي نحصل منها على محصول "بيكولو كليم" الذي يزرع بمزارع يصل ارتفاعها إلى 1200 مترًا فوق سطحِ البحر، وسجل هذا المحصول 83 درجة في مقياس تقييم القهوة المختصة.

البرازيليون ينظرون دائمًا للقهوة أنها مصدر رزقهم الرئيس، مهما تنوعت صادراتهم وتعددت مصادر دخلهم، تظل القهوة أهم للدرجةِ التي تجعل بعض الأقاليم في البرازيل لديها تقليد ثابت منذ عصور يجعل من الإلزامي للأسرةِ أن يكون لديها فردًا واحدًا على الأقل يعمل في مجال القهوة، وكما يستعمل المصريون كلمة "اتفضل" ويستعمل السعوديون كلمة "أرحِب" لدعوةِ الأصدقاء لمنازلهم أو للجلوس معهم، تنتشر في البرازيل كلمة "كافزينو" “cafezinho” والتي تعني حرفيا "كوب قهوة صغير" التي هي كلمة ترحيبية ودعوة لشرب القهوة التي تتوغل في جذور الثقافة البرازيلية أكثر حتى من كرة القدم.

البرازيل ترعى القهوة:

في البرازيل هناك مجموعةٌ من الأنظمة التي تضعها الحكومة البرازيلية للحفاظ على هذا المنتج وجودته وحفظ مركز البرازيل الرائد حول العالم، ومن بينها منع استيراد البن من أي مكان وذلك للحفاظ على جودة المنتج المحلي ودعمه محليًا، وإن كان البرازيليون أنفسهم لا يحصل أغلبهم على ذات حبوب البن التي يتم تصديرها إلا أن تنوع طرق تحضير القهوة وشغف البرازيليين بها يجعلهم يتمكنون من تحضير أكواب قهوة فريدة.

كما أن حكومة البرازيل لديها أنظمة صارمة بشأن مزارع البن وظروف العمل بها وتضع ضوابط صارمة لتجارة البن وتصديرها لتمنع التلاعب الذي قد يؤدي لشيوعِ صيتٍ سلبي عن القهوة البرازيلية المميزة.

البرازيل لديها "سانتوس":

يفرز مزارعو البرازيل البن لمجموعةٍ من التصنيفاتِ لكل منها درجتها، وأعلاها جودة هو "بربن سانتوس" وهي أفضل أنواعِ حبات البن على الإطلاق وتعتبر الأكثر كفاءة لإعداد قهوةٍ مختصة أكثر قدرة على حيازة تقييم أعلى من 90 درجة.

كما أن البرازيليين اعتادوا على قطف البن يدويا وهو ما يستمر في فعله مزارعو البن حتى اليوم لذلك تعد تصنيفات حبات البن البرازيلي لها خصوصية واعتبارات فريدة.

البرازيل منفتحة للتجربة:

حول العالم يذيع رأي محبي القهوةِ الذين يرفضون خلطها بالحليب أو تحليتها بالسكر، إلا أن البرازيليين ليسوا على ذاتِ الصرامة فيما يتعلق بالقهوة، بل إن أكثر أنواع مشروبات القهوة شيوعًا في البرازيل هو "كافيه كوم لاتيه" والذي يتألف من قهوة شديدة القوة مضاف إليها كمية كبيرة من الحليب، وهذا المشروب يتناوله الصغار والكبار كما أن كلمة "كافي زينو" التي ذكرناها سابقًا هي اسم مشروبٍ آخر مشهور يضاف فيه كمية كبيرة من السكر إلى القهوة.

ومع ذلك يرحب البرازيليون بكل أنواع التجارب المتعلقة بالقهوة، فسوف تجد هناك كل أنواعِ القهوةِ التي ترغب بشربها بلا استثناء بدءً من قهوة الركوة وصولًا إلى الفي 60 وكل أنواع القهوة المختصة، بالإضافة لكثير من مشروبات القهوة الشعبية التي يمكنك أن تحصل عليها بسهولة من المتاجر الصغيرة المنتشرة حول البرازيل لاسيما في الأقاليم التي تزرع القهوة.

مساحة البرازيل الكبيرة ومناخها وتضاريسها جعلتها مناسبةً لزراعة القهوة، لكن حرص سكانها على إثراء هذه الزراعة والاعتناء بها والتوسع في دراستها جعلتها على مدارِ عقودٍ تصل إلى المرحلةِ التي أصبحت فيها اليوم مسؤولة عن ثلث صادرات القهوة حول العالم.

وما تزال البرازيل تعتني بكل العلاقاتِ التي يمكنها أن تساهم في رفع كفاءة وجودة صادرات القهوة لتحافظ على صدارتها بين الدول المصدرة للقهوة وريادتها لهذا السوق.

ونرى كثيرًا من الدول تحاول اليوم أن تدخل سوق القهوة من باب الزراعة أولًا ومن بينها مملكتنا الحبيبة التي لها جهود ثمينة بالفعلِ بدأت منذ عام 2016 وتستمر حتى الآن لرفع كفاءة البن السعودي

فهل تظنون أن المملكة ستتمكن عما قريبٍ من وضع بصمتها القوية في مجال البن كما سبق وصنعت لنفسها اسمًا كبيرًا في مجالاتٍ أخرى؟

0 Comments

There are no comments for this article. Be the first one to leave a message!

Leave a comment

Please note: comments must be approved before they are published
Go to top Top